تقع قرية طرطب في سفح التل الغربي والتي سميت تيمناً بذلك التل ، ولا تبعد عن القامشلي أكثر من 5 كم .

وطرطب لفظة مركبة من كلمتين سريانيتين لا ريب فيهما ، لكن الناس اختلفوا في تأويل معناهما فمنهم من يرى أنهما :

1- ( ܛܪ )( ܛܒܳܐ ) ( طار طوبا ) أي التزم الخير ، وهذه التسمية لا تبدو غريبة عن ثقافتنا ، بل هي شبيهة بكلمات الحكم التي قراناها في أدبيات اللغة الآرامية القديمة وخاصة في أمثال وحكم أحيقار وزير سنحريب الملك .
2- هناك من يرى أن أصل الكلمتين ( ܛܘܪܐ ܛܒܳܐ )( طورو طوبو) أي الجبل الطيب / الصالح / لكن هاتين الكلمتين تتحرفان على مر الزمن لتلتصقا ببعضهما وتلفظان وكأنهما واحدة طرطب ومن المرجح أن التسمية أطلقت على التل الذي دعي مجازاً بـ ( الجبل ) ....

القرية كانت تضم في الماضي القريب نحوا /90/ أسرة وأكثرهم من ( العرب ، السريان ، الأرمن ، الأشوريين ) لكنهم نزحوا عنها فلا توجد فيها اليوم أكثر من ثلاثين أسرة ، وما زالت القرية تتمتع بمناخ جميل .

لقد بُني المزار القديم الترابي الذي كان قد تعرض للخراب عدة مرات ، وأعيد بناؤه وعبثاً حاولنا معرفة عمره الزمني ، والكل يؤكد أنه عُرف باسم القديس مار جرجس ومنذ مئات السنين وموقعه اليوم في سفح الجنوب الغربي من التل وتربطه بالمدينة طريقان مزفتان إحداهما تتفرع عن الطريق الدولي ( حلب – اليعربية ) والثانية تتفرع عن طريق عام ( قامشلي – تل حميس ) وأحدثت هذه الأخيرة بعد المزار الجديد .

أما مدخل المزار فإنه يطل على الجنوب ويؤدي إلى ممر ضيق طوله 23 م تقوم على جهتيه عمارات وحدائق . فمن اليمين صالة أفراح شيدت حديثاً وافتتحها نيافة المطران متى روهم بتاريخ 22/4/2001 وقد جُهزت بفرش حديث وزُينت جدرانها بصور نفيسة هي لكنيسة مار يوحانون ( قلث) ، دير الزعفران ، دير مار كبرئيل ( تركيا ) ، دير مار أفرام السرياني في معرة صيدنايا ، دير السيدة العذراء في تل ورديات . وهي من إبداع ريشة الفنان ( سعيد آرام يوسف ) وصورة أخرى مطبوعة على سجاد عجمي للسيدة العذراء ، وتمتد أمام الصالة فسحة بضمنها نافورة ماء ، وعلمنا إن النيّة متّجهة لإقامة طابق علوي فوق الصالة سيوزع إلى خمسة غرف .

وتقع جنوبي الصالة مغارة جميلة تشير إلى المغارة التي ولد فيها السيد المسيح . وتعلوها صور للقديسة مارت شموني وأولادها ، والعشاء السري والقديس مار كبرئيل .
وعلى يسار الممر تقع غرفة للطعام تُزينها صورة جدارية للقديس مار ( حاد بشابو ) شفيع بلدة تركيا وهي صورة فريدة ونادرة للفنان خضر دهام وبلصق غرفة الطعام رواق تمتد أمامه فسحة سماوية يضمنها نافورة ماء ، وتقوم على جهتها الغربية غرف المستخدمين والإدارة والخدمات ودورات المياه ، التي يعلوها طابق يشمل على خمسة غرف مجهزة بالخدمات والأسّرة المريحة والفرش الحديث . وباحة الدير مليئة بالأشجار التزينية والمثمرة تخترقها ممرات وترتفع فيها مظلات واقية وتُزينها نافورة ماء في الوسط ، وتنتهي جنوباً بمسبح للأطفال .

وتتوزع على جوانبها العاب وأراجيح وفي قسمها الشمالي غرفتان إحداهما تستعمل ( كافيتريا ) والثانية مكتبة بضمنها هدايا وأيقونات وثور تذكارية للبيع بأسعار زهيدة ، والباحة معشوشبة ، قسمت إلى أشكال هندسية وأقيمت فيها حواجز تفصل كل جناح عن غيره ، ويسود المزار نظام يؤمن راحة الزائرين ويحافظ على قدسية المزار وكرامة القديس . يقوم المزار على أرض مربعة الشكل تبلغ مساحتها الإجمالية 2500م2 أحيطت بتصونة من سائر جهاتها ، أما المزار نفسه فتبلغ مساحة صحنه 120 م2 وقد صُنعت الواجهة الشمالية منه من الألمنيوم والزجاج لتأمين الإضاءة اللازمة ، وتبلغ مساحة الهيكل 16 م2 . وللهيكل واجهة خشبية استندت على عامودين من الأسمنت وأحدثت فيها ثلاثة صلبان ونجد في المذبح مائدة الحياة التي أقيمت من الأسمنت وزُينت بعامودين لكل منهما قاعدة وتاج ويتصدر واجهتها صليب أُقيمت فوقها قنطرة على شكل نصف قبة وفي الهيكل نافذة صغيرة ، أما صحن المزار ففيه ثلاثة نوافذ ومدخلان .

ويُفتح صحن المزار من الجنوب الغربي على دار المعمودية التي تحتوي جرناً صغيراً للعماد وله مدخل يؤدي إلى رواق مسقوف يمتد على طول مساحة المزار وتنبسط أمامه من الجنوب فسحة سماوية تحتوي بئر ماء يكفي حاجة المزار ، ويعلو السطح غرباً جرسية صغيرة ، أما البرج فإنه يتلاصق مضاء ومن يرتقيه يشاهد من الشمال منظراً عاماً لمدينة القامشلي وجارتها نصيبين وتعلو أمامه شامخة جبال الأزل وطور عابدين وماردين ذوات المجد الأثيل .

لم يبن المزار كله دفعة واحدة بل شُيّد هو أولاً بتاريخ 8/8/1993 ومن ثم تدفقت تبرعات الزائرين فأقيمت المنشأت وعلى مراحل خلال عشر سنوات بكلفة مالية بلغت حوالي 7 ملايين ليرة سورية .

وقد أطلعنا رئيس المزار عن معجزات إلهية وكرامات عديدة ظهرت فيه منها شفاء سيدة كانت قد فقدت البصر وعاد إليها النظر ، وأخرى أسمها ( حكيمة ) جاءت مشلولة يحملها ذووها . وحوالي منتصف ليلة 2/8/1996 انتصبت على قدميها وبدأت تمشي وخرجت من الدير وهي تمجّد الله على لطفه .

للمزار عيد سنوي هو عيد القديس مار جرجس الذي يصادف 23 نيسان لكن العادة جرت أن يحتفل بعيده ليلة الأحد من كل عام بإقامة قداس احتفالي يقيمه نيافة مطران الأبرشية ويشترك فيه الكورال الأفرامي .

والجدير بالذكر إن تقديس المزار حرى ضمن حفل شعبي كبير وقداس إلهي ترأسه نيافة المطران مار اسطاثيوس متى روهم بتاريخ 8/8/1993 م .

الأب القس صليبا صومي :

وهو أول كاهن يُفرز لخدمة المزار الذي تعب في بنائه لبنة لبنة وما زال يحدث فيه التعديلات الضرورية . بحيث إن الزائر يرى في كل موسم منشأة جديدة كان المزار بحاجة إليها .
وهو من مواليد القامشلي 1928 ، أنهى دروسه الابتدائية فيها ودخل الاكليريكية الأفرامية في زحلة عام 1941 وبقي يدرس فيها لمدة ست سنوات ثم فرز للتعليم في كرشامو والشلهومية والقحطانية وعلّم اللغة السريانية بالقامشلي ثم في عامودا .
رُسم بتاريخ 1957 كاهناً لكنيسة السيدة العذراء في دير الزور وبعد ثلاث سنوات انتقلت خدمته إلى كنيسة السيدة العذراء بحماة لمدة خمس سنوات حيث بنى فيها مدرسة من سبعة صفوف أطلق عليها اسم ( مدرسة جول جمال ) نقلت خدمته بعدها إلى رأس العين لمدة ثماني سنوات وفي عام 1972 كُلف بالخدمة في كنيسة مار أفرام بالقامشلي لمدة 14 سنة استطاع خلالها من تأسيس جوقة مرتلات وتهيئة حوالي 60 شماسة لخدمة كنائس القامشلي . ثم نقل لخدمة كنيستنا في كندا وجاب عدة دول أوروبية عاد بعدها إلى الوطن بعد أن دعته النعمة الإلهية ليعيد إعمار مزار القديس مار جرجس وافته المنية إثر مرض عضال في 24/9/2006 وسُجي جثمانه في كنيسة مار يعقوب بالقامشلي ، وأبّنه كل المطرانين : متى روهم ، وبهنام ججّاوي بكلمات مؤثرة ، ودفن في كنيسة المزار التي أنشاها ورعاها ما يزيد عن 15 عاماً بناءً على وصيته .
نود أن نضيف أيضاً التسجيل الصوتي للقداس الإلهي للأب صليبا صومي يشاركه في القداس 
الشماس المرحوم الفنان جان كارات والمرحوم يوسف أفرام  والمرحوم جليل ماعيلو ( الأب فيما بعد )

1- القداس الإلهي للأب صليبا صومي - الجزء الأول : 9،94 ميغا بايت

2- القداس الإلهي للأب صليبا صومي - الجزء الثاني : 4،42 ميغا بايت
ونضيف أيضاً صلوات وسهرانات وتراتيل لحضرة الأب الفاضل صليبا صومي :
1- الجزء الأول
2- الجزء الثاني

المصدر :

السريان في أبرشية الجزيرة والفرات " للأرخدياقون لحدو اسحق