وضع المثلّث الرحمات المطران يوسف كلاّس الجحر الأوّل لكنيسة دير القدّيس بطرس في مرمريتا في 23 آذار عام 1930.كنيسة القدّيس بطرس في مرمريتا، كسائر الكنائس، بيت موقوف لله، مكرّس لعبادته وتكريمه. إنّها الخليّة الصغيرة في جسم الكنيسة الكبرى التي بناها السيّد المسيح على الرسل، وطلب منها أن تتوسّع إلى أقصى الأرض.
في الكنيسة المحليّة تنتظم المواهب، وتتوزّع المسؤوليات وتمنح الأسرار، وتُمارس السلطة الخادمة. وفيها يجد الناس وسائل القداسة والخلاص، وطريقهم إلى السماء. فيها نولد ثانية بالمعموديّة، وتتفتّح أعيننا على وجه أبينا الذي في السماوات، ونتألّه بدورنا، وننال قوّة الروح القدس، لنحمل مصاعب الحياة، ونصبر على جهادات الطريق. في الكنيسة نتغذّى بجسد الرّبّ، ونتعلّم الحقائق الإلهيّة، ونستمدّ الغفران، ونطلب العون، وننال كلّ ما نطلبه باسم السيّد.
إذا ابتعدنا عن الكنيسة، فهي لا تنسانا، ولا تهملنا ولا تفتأ تشير إلينا لنعود إليها. وطوال غيابنا، ترفع الصلاة لأجلنا، وتنتظر برجاء لقاءنا، كما انتظر الأب ابنه الشاطر. ومتى عدنا إليها، في أيّ ساعة وأيّ لحظة من العمر، ولو كانت متأخّرة، فهي تفرح بالاستقبال، وتعيّد بالأنوار والتراتيل، ولا تميّز إنسانًا عن آخر.
تبارك رباطنا الزوجيّ، وتكرّس خادمي رعايانا، وتقدّس بيوتنا وعيالنا، وتضمّ جميع الناس في عيلة كبيرة واحدة: الغنيّ مع الفقير، و الخاطىء مع القدّيس، ولا تنسى أحدًا من أبنائها. وعندما تحين ساعة الفراق، تفتح لنا أبواب السماء، وتشيّعنا، كما شيّع الرسل مريم العذراء. وتطلب إلى السيّد المحبّ البشر أن يستقبلنا كما استقبل أمّه الطاهرة، ويغفر لنا خطايانا ويجعلنا من مستوطني الملكوت لأنّنا أحبّاء المسيح.
وصف الكنيسة:
يقع نظر الداخل إلى الكنيسة أوّلاً، على أيقونة كبيرة فوق المذبح الكبير، في حنية السقف الأماميّة. تمثّل الرّبّ الضابط الكلّ، الإله الكلمة ضابط الخليقة والأزمنة وأسرار الله. الذي اتّخذ صورة عبد وبقي مساويًا لله في الجوهر. وهو الأجمل بين بني البشر.
يقابلها في حنية السقف الخلفيّة، أيقونة لهامتي الرسل بطرس وبولس، يحيطان بالكنيسة التي أسّساها مع الرسل. أحدهم اختاره الرّب يسوع بنفسه يومَ كان مع الرسل وقدّمه عليهم، والثاني اختاره روح الرّبّ واعتمده إناءً مصطفى ورسولاً للأمم.
هكذا هي كنيسة المسيح: مؤسّسة بشريّة يسوسها الناس القائمون على الأرض، وهيكل روحيّ يسكنه الروح القدس ويعمل فيه. وقد أرسله يسوع ليقيم في الكنيسة، ويقدّس أعضاءها ويُخصب عملها.
وتحتلّ أيقونات الأعياد الكبرى المساحة المتبقية من السقف. مكبّرة عن النسخة الأصليّة اليونانيّة المعروفة بمجموعة "ستافرونيكيتا"، وهي من إحدى آخر الأعمال للراهب الفنّان "تيوفان ستريليزا". إنّها محطّة هامّة في تاريخ الفن الإيقونوغرافي الكنسي، واستمرار لتقليد لاهوتي إيقونوغرافي مميّز استمرّ قرونًا عديدة، ونتاج خبرة كبيرة لهذا الفنّان، الذي وُلد في هيراقليون في جزيرة كريت، ثم انتقل إلى اليونان، إلى جبل آثوس، حيث ترك لنا مجموعة كبيرة من الأعمال، التي نكتشف من خلال التأمّل فيها موهبته الفريدة، ونضوجه، وطريقته المميزة في الرسم: خطوط واضحة، وألوان ممزوجة بانسجام وتناغم، قامات وأجساد ممشوقة تنساب عليها نعمة سماويّة فتظهر الرسالة الروحيّة للجسد، صفاء في الأوجه يعكس العالم الروحيّ الداخليّ لكلّ شخص. في كلّ مكان من لوحاته يهيمن الجمال الروحي والمجد المكتمل. ونستطيع من خلال النظر إلى هذه الأيقونات والتأمل فيها أن نقرأ وصفًا كاملاً للأحداث الخلاصيّة الكبرى، وأن ننال النعمة ونتعرّف إلى الحقيقة.
أمّا الإيقونسطاس فهو الحاجز الخشبيّ بين قدس الأقداس وسائر الكنيسة، الذي يحمل الإيقونات لتكريمها بموجب نظام عريق تحترمه التقاليد. أيقونة السيد المسيح وأيقونة والدة الإله، المحيطتان بالباب المقدّس، هما أهمّ الأيقونات الموضوعة عليه. وتليهما إيقونة يوحنّا الصابغ، سابق المسيح، وأيقونة شفيع الكنيسة بطرس الرسول. ثمّ أيقونتا الملاكين جبرائيل وميخائيل حارسي أبواب قدس الأقداس.