لا يوجد تاريخ صحيح يمكّننا من أن نحدد بشكل جازم تاريخ بنائها، خصوصاً مع وجود تباين في التواريخ المحددة حالياً على جدران الكنيسة. حيث نجد على باب الحرم الخارجي تاريخ 1815م، وعلى باب الكنيسة الشمالي تاريخ 1860م، بينما حدّده المؤرخ الدمشقي العلامة محمد كرد علي في كتابه الشهير "خطط الشام" بعام 1862م. لكننا، بإزاء ذلك، نرى أنها كانت في البداية عبارة عن بيت عادي تقام فيه الصلاة ما لبث أن تحوّل تحت جنح الظلام إلى كنيسة. وقد روى أحد المسنين الكاثوليك أنّ بناء كنيسة سيدة النياح الكاثوليكية المجاورة لكنيسة حنانيا الرسول الأرثوذكسية تمّ بهذه الطريقة، التي نعرضها لتدللّ على جهود بناء الكنائس في وقت كان بناء الكنائس محظوراً فيه: ملخص القصة أن الرعية اشترت أثناء الصوم الكبير بيتين متلاصقين قررت تحويلهما إلى كنيسة يحتفل فيها بإقامة أول قداس إلهي ليلة الهجمة. وبدأ العمل ليلاً بهدم الجدران والتوسيع والبناء. وكان ترحيل الأنقاض يتمّ ليلاً بالتنسيق مع حارس الحارة (حيث كان لها باب وحارس) وبشكل لا يعرف فيه ما يتم ترحيله بعيداً عن أعين السلطة العثمانية. هكذا تسنّى للرعية أن تدشن الكنيسة في ليلة الهجمة المقدسة. كان بناء الكنائس محظوراً منذ الفتح الإسلامي، بحيث لا يتم تجديد الكنائس القائمة إلا بموجب فتوى شرعية يصدرها القاضي الشرعي، بعد إجراء الخبرة الفنية التي تثبت أن هذه الكنيسة آيلةٌ للسقوط، وبعد مصادقة الوالي ووزارة العدلية والمذاهب. ولا يستبعد أن تكون كنيستنا كنيسةً قديمةً متداعيةً أو مبنية فوق كنيسة أقدم عهداً منها سُمح بتجديد بنائها عام 1815م بموجب هذه الآليّة. ونشير في هذا المقام إلى أن هذه الكنيسة كانت مجمعاً متكاملاً يحوي بالإضافة إلى الكنيسة دار مدرسة حنانيا الرسول المختلطة الابتدائية وجمعية حب الرحمة الخيرية. تقع هذه الكنيسة، التي تعتبر الأقدم في دمشق بعد الكاتدرائية المريمية، في زقاق القرشي أحد الأحياء المسيحية التاريخية العريقة في محلة الميدان التي كانت خارج دمشق، بينما هي الآن أحد أحيائها. إذا مررت حالياً من أمام الكنيسة، لا تعلم أنها كنيسة لأنها عبارة عن بيت عربي يمتد حائطه الجنوبي (حيث الباب) في زقاق القرشي. ومما لا شك فيه أن معالم هذا الحائط الأساسية قد تغيرت. يتضح ذلك من الحجر البازلتي الأسود الذي بني به مع الكنيسة، هذا الحجر الذي اختفى إبّان الترميم تحت الطبقة الإسمنتية المدهونة باللون الأبيض الداكن. تعلو الباب لافتة رخامية كتب عليها : "كنيسة القديس الرسول حنانيا الأرثوذكسية تأسست عام 1815"، لولاها لما كان بإمكان أي غريب عن هذا الحيّ أن يعرف أنه يمر بجانب كنيسة لها عراقتها. تدخل من هذا الباب مباشرة إلى حرم الكنيسة الداخلي الجنوبي فتجد أنك في ساحة سماوية بسيطة تشابه مثيلاتها البيوت الدمشقية المصنفة (بالشعبية البسيطة)، ومن الجهتين الشرقية والغربية غرف أرضية وأخرى عليا 0 الكنيسة مربعة الشكل مؤلفة من طبقة أرضية وشعرية للنساء وقبة مربعة. يحيط بها من جانبيها الجنوبي والشمالي فناء. ويأخذ هذا الفناء، كما أسلفنا، شكل الدار السماوية العربية البسيطة. أما جانبها الغربي، فهو عبارة عن دهليز مسقوف يتسع قليلاً ويؤدي إلى درج الشعرية. بجانب هذا الدرج بئر الجرسية، وفيه برج الجرسية الإسمنتي، وقد كان خشبياً جميلاً، ولكنه كان آيلاً للسقوط، فأستبدل إبان الترميم عام 1983م ببرج إسمنتي يظهر من بعيد0 للكنيسة ثلاثة أبواب تحت الأروقة، محاطة بزخارف حجرية دمشقية جميلة جداً. الأبواب خشبية محفورة ومقطعة بفن جميل، ولونها بني كلون بقية قطع الأثاث والأيقونسطاس والنوافذ والمقاعد. أما فوق الباب الغربي، فتعدّ النقوش الحجرية هي الأصل بين هذه الأبواب الثلاثة. تعلو هذا الباب رخامة كانت على ما يبدو تحمل نقوشاً، ولكنها بكل أسف طليت حين الترميم. يفضي آخر الدهليز في يسار الجهة الشمالية إلى صالون صغير، وكانت هذه الغرفة هي غرفة إدارة مدرسة حنانيا الرسول الأرثوذكسية تعلوها غرفة مماثلة يُدخل إليها من الشعرية. الكنيسة تراثية جميلة جداً حوفظ فيها على النمط الدمشقي الأرثوذكسي، أرضيتها مبلطة بالبلاط المجزع الكبير بفواصل سوداء، لها ثلاثة أروقة كل منها محمولٌ على ثلاثة أعمدة مربعة الشكل تتكئ عليها الشعرية. فيها أيقونسطاس خشبي غير محفور بثلاثة أبواب ملوكية. ويرى البعض أن الأيقونسطاس لم يكن لهذه الكنيسة بسبب عدم ملامسته للحائطين الجنوبي والشمالي. في أعلى الأيقونسطاس وتحت سقف الكنيسة مباشرة وضعت رايتان روسيتان جميلتان واحدة للسيّد والثانية للسيدة. أما سقف الكنيسة، فهو مماثل لسقوف البيوت العربية المسقوفة بأشجار الحور والصفصاف. وفي وسط الكنيسة، تنتشر مقاعد المؤمنين في الأروقة الثلاثة، بالإضافة إلى صف من المقاعد الجدارية الخشبية على محيط الكنيسة، وعرشين: أحدهما بطريركي والثاني أسقفي بسيط. أما العرش البطريركي، فهو فخم مصدّف ومتقن الصنعة عليه عبارة تفيد أنه إهداء من كنيسة السيدة ـ بطريركية الروم الكاثوليك سنة 1983م.